قانون الإصلاح والتغيير


خلق الله تعالى الدنيا على قوانين لا تتغير ولا تتبدل إلى أن تقوم الساعة , كقانون الجاذبية , والنسبية , وشروق الشمس وغروبها بتواقيت معينة , ودوران الأرض حول نفسها وحول الشمس , ووو....ومن هذه القوانين أيضاً : قانون الإصلاح و التغيير
لا يغير الله نعمة أو بؤساً , ولا يغير عزاً أو ذلاً , ولا يغير مكانة أو مهانة ... إلا أن يغير الناس مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم , فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم .


فلا يمكن تغيير الواقع المرير إلى واقع رفيع ولا يمكن الإصلاح إلا إذا غير الناس أنفسهم ,هذا قانون , فالله عز وجل يقول:
(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مّن دُونِهِ مِن وَالٍ (الرعد/11

قد يتوهم بعض المسلمين أن الله سينصرهم ما داموا مسلمين ، مهما يكن حالهم ، ومهما تكن حقيقة أعمالهم ...
وهذا توهم باطل لأن الله تعالى يقول ليؤكد لنا هذا القانون :

(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ) محمد/7

ولم يقل: ما دُمتم مؤمنين فسأنصركم وأثبِّت أقدامكم، مهما تكن أحوالكم وأوضاعكم وأعمالكم.

وهذا يعني بداهة أنه متى دبّ الضعف في الأمة والفساد وتأخر النصر فإنه يجب أن ننظر في نفوسنا , ونرجع إلى ديننا ... ونقيم الصلاة ونؤدي الزكاة، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر كما قال تعالى:

(وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ , ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأرْضِ

أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ
 ( الحج/40-41

لاحظ هذا القانون في الأمم السابقة عندما طغت وبغت وعَثَت في الأرض فساداً : كقوم نوح، وهود ، وصالح ، ولوط ، فأمهلهم الله تعالى حتى يغيروا ويصلحوا أنفسهم , فلم يفعلوا , فأهلكهم بمجرد أن ظهرت الانحرافات في حياتهم ، وظهر البغي والطغيان في سلوكهم ؟
زلزل الأرض تحت أقدامهم وقلبها عليهم وأنزل عليهم العذاب والرجز,
قال الله تعالى :

( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصارُ ) إبراهيم/42

هذه الفتن والكوارث وأمثالها التي نحن فيها الآن :
إنما هي من ثمرات أعمالنا ، ومن نتائج سوء معاملتنا لله تعالى ، ينبغي أن نعود للتأمُّل في أنفسنا وواقع حالنا , فالله قطع على نفسه العهد أنه سينصر المؤمنين :
( وَكانَ حَقّاً عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) الروم/47 القانون : عندما يكونوا مؤمنين

عندما تعود هذه الأمة فتصطلح مع ربها بصدق عندئذ يُهلك الله تعالى أعداءنا , وينقلب حالنا , ويأتينا الإصلاح .

لذلك عندما تنزل بنا المصائب وتشتد الأزمات فوراً نتساءل : ما السبب ؟ وكيف ؟ ولم ؟ وممّ ؟ ماذا فعلنا ؟
كما قال الله تعالى
)
أَوَلَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا) آل عمران/165

فيجيبنا الله بصريح العبارة:
--------------------------
( قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ)

( وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) الشورى/30