فن الترف !!


هل أصبح الترف فناً ؟!
بدأت أفكر وأجول بخاطري في نماذج الترف التي نعيشها ونربي عليها أبناءنا ، وما أكثرها!
حتى أضحى الترف من أساسيات المعيشة ولوازم التربية عند بعض الآباء.
الترف يضعف إرادة النفس ويثنيها عن المطالب العالية التي تتطلب صبراً وجهداً،

وقد ذم الله عز وجل المترفين في مواضع من القرآن وبيّن أنهم ضد كل صلاح ومصلحين، ومن ذلك قوله تعالى:
{وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنَّا بما أرسلتم به كافرون} [سبأ:34]

أما الخشونة فمن خصائص الرجال فلا شك أن الترف مفسدٌ للأبناء ،
وأصبحنا نسمع من يقول متفاخراً : أنا لا أجعل ابني في احتياج إلى شيء أبداً فأنا ألبي له جميع طلباته ورغباته، ومثل هذا يظن أنه أحسن إلى ولده، والحقيقة أن هذا الفعل ليس من التربية في شيء.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين" [1]
وهذا الحديث محمول على المبالغة في التنعم والمداومة على قصده ، وذلك لأن التنعم بالمباح – وإن كان جائزاً - يوجب الأنس به، ويُخشى من غائلته ، من نحو بطر وأشر وتجاوز إلى مكروه ونحو ذلك.

والإكثار من التنعم بالمباح خطر عظيم لأنه يورث المرء ارتياحاً إلى الدنيا وركوناً إليها ، ويبعد عن الخوف الذي هو جناح المؤمن ؛
ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:" البذاذة من الإيمان"[2]
فالبذاذة من أخلاق أهل الإيمان إن قُصد بها تواضعاً وزهداً وكفاً للنفس عن الفخر والتكبر.

وقد ذكر الله عز وجل الترف في كتابه في ثمان مواضع ، كلها مواضع ذم وتحذير :
يقول الله جل وعلا:
{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فدمرناها تدميرا} [الإسراء:16]
وقال عز وجل :
{حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون} [المؤمنون:64]




[1]  - أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم: 2668
[2]   - أخرجه أحمد في مسنده وابن ماجة والحاكم في مستدركه وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم -2879- من حديث أبي أمامة الحارثي.