أشد أنواع العبودية هي العبودية الفكرية

العبودية كانت سمة العصور التي انقضت ومضت
عبودية الانسان للإنسان
ولكن بقيت هذه العبودية في عصرنا الحالي  إنما بطريقة أخرى


إنها العبودية الفكرية بكل ما تعنيه كلمة فكر فهي من أشد العبوديات 

لذلك كان هدفنا هو التحرر الفكري من قيد الأوهام والشهوات والغضب والتعصب والأحكام المسبقة وكلها قيود تشكل عائقًا وحاجزًا أمام منطقية التفكير وصحته ..



من أجل ذلك كان هدفنا العودة للمنهجية الفكرية السليمة فى اكتساب المعرفة من خلال قواعد المنطق والمنهج العقلي الفلسفي  ..



لأن جوهر ما يميز الانسان هو عقله

تعتبر العبودية الفكرية من أكثر أنواع العبوديات خطراً على الانسان نتيجة لسيطرة الأفكار الغريبة وترسباتها في عقول أصحابها والمؤثرة عليهم بصورة خاصة وعلى المجتمع بصورة عامة ، وذلك بسبب من يعتاد على الأفكار الخاطئة ويبقيها مترسخة في عقله وجاثمة عليه بحيث لا يمكن تغييرها الا بصعوبة بالغة تكون ذات تأثير سيء على صاحبها وتؤدي بالنتيجة الى انزلاقه في المخاطر والابتعاد عن جادة الصواب

العبودية الفكرية تكون على نوعين هما : 
أولاً : عبادة الاصنام الحجرية : 
وهي عبادة انتشرت وازدهرت قبل الاسلام أي في عصر الجاهلية الاولى والتي تكونت بفعل استحواذ الشيطان على عقول ورغبات الناس في ذلك الزمان محاولاً ترويجه لبعض الافكار وإدخاله لها في عقول أولئك الناس مستخدماً الوسائل البسيطة التي تتناسب مع عقول أصحاب تلك المرحلة نتيجة لامتيازهم بالبساطة والعفوية ومحدودية عقولهم فهيأ لهم الشيطان أن يصنعوا من الحجارة والخشب والعيدان ونحتها بشكل تماثيل وعبادتهم لها كآلهة من دون الله حيث يقومون بتقديم القرابين والنذور في الاعياد والمناسبات الدينية وذلك بسبب سيطرة كهنة المعابد والقائمين عليها حيث يظنون أنها تقربهم الى الله وتحميهم من المخاطر وتشفيهم من الامراض وحتى أنها ترزقهم ونرى أن ارتباط هؤلاء بتلك التماثيل هو ارتباط وراثي وأعمى كما هو واضح من الآية الكريمة التي تصفهم حيث نراهم قد وقفوا بوجه كل الدعوات الالهية الداعية الى عبادة الله الواحد الاحد وترك عبادة الأصنام الحجرية وما هو إلا موقف سلبي يقفه هؤلاء بوجه دعوات الانبياء والرسل , وهو ما رأيناه في دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام الذي حاججهم على بطلان عبادتهم لتلك الأصنام ولم يستجيبوا له لأنهم كانوا كالبهائم لا يفقهون شيئاً سوى التمسك بما هم عليه من الضلالة والانحراف , فقام نبي الله إبراهيم بتكسير تلك الاصنام الحجرية ، وقد تجدد هذا الموقف من عابدي الاصنام الحجرية في زمن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في بداية الإسلام ووقوف أصحاب تلك العبادة بوجه الرسول ودعوته موقفاً سلبياً حيث لاقى منهم أشد العناد والرفض له ولدعوته بكل قوة ، فقام أيضا بتكسير تلك الاصنام كما فعل من قبل أبيه نبي الله ابراهيم عليه السلام .
ثانياً : عبادة الاصنام البشرية : قال صلى الله عليه وسلم :
( لتركبن سنن من كان من قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى ولو أنهم دخلوا حجر ضب لدخلتم به )
أي إن ما حدث في بداية الاسلام من عبادة للأصنام الحجرية فإن ذلك سوف يحدث بصورة العبادة لأصنام من نوع آخر
ألا وهو عبادة الاصنام البشرية 
وهي :
اتباع اشخاص معينين لأشخاص آخرين يؤثرون عليهم ويسيطرون على أفكارهم ومعتقداتهم ويتدخلون حتى في اتخاذ قراراتهم ومصيرهم ..


إن أخطر القيود هي القيود الفكرية التي تسيطر على عقول وتصرفات وقرارات هؤلاء الأتباع لأن الانسان يصبح أسيراً فكرياً لجهة معينة متسلطة عليه بحيث لا يستطيع حينها أن يستقبل الأفكار والطروحات الجديدة وغالباً ما يكون رافضاً لذلك الفكر الجديد بسبب التعصب الفكري الذي لديه .

اثبتت تجارب الشعوب والتاريخ أن العبيد هم أكثر من يتمسك بأسيادهم
السيد لا يحب عبيده ومستعد دائماً أن يتنازل عنهم في أي وقت ويتمسك بهم فقط لمصالحه الشخصية بعكس العبيد يتمسكون بأسيادهم لأنهم يحبونهم فعلاً
في بداية نشأة أمريكا قامت حرب أهلية طاحنة بين الشمال والجنوب
كان أهل الشمال بقيادة رئيس الحزب الجمهوري ابراهام لينكولن
قرروا تحرير العبيد بكل ولايات أمريكا
بينما رفضت الولايات الجنوبية تحرير العبيد لأنهم يعتبرونهم أملاك خاصة متوارثة .
الغريب أن العبيد في ولايات الشمال رفضوا تحريرهم وحاربوا أهل الشمال بجانب أسيادهم الجنوبيين فقد كانوا يؤمنون أن تحريرهم حرام ويغضب الله لأن هذا قدرهم .
لقد جلس الجنوبيين لسنوات طويلة يقنعونهم أن هذا قدرهم وأن الله كتب لهم أن يكونوا عبيداً وإن رفضوا العبودية فهم يغضبون الله لمخالفته . 
انتصر أهل الشمال وتم تحريرهم
ثقافة العبودية يتم غرسها لسنوات طويلة حتى تصبح واقعاً حقيقياً يورثها الأب لأبنائه وتمتد من جيل إلى جيل بنفس الصورة (الأسياد والعبيد)


ويمكن أن نعتبر اليوم في ظل حاجة العالم الفقير والتعيس إلى أدنى مستوى الرفاهية أن من أشد أنواع العبودية في العصر الحاضر هو :
الاحتكار للأراضي .. 
للسّلع .. 
للوكالات التجارية ...

كان الله في عونكم أيها الفقراء والمساكين