أفضل العبادة انتظار الفرج


قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ،
وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ )
رواه الترمذي و الطبراني في المعجم الكبير و السيوطي و المناوي في فيض القدير و ابن كثير و القرطبي وأبو السعود والآلوسي في تفسيره
لا شك أن انتظار الفرج عبادة عظيمة
وذلك لأنّ أشرفَ العبادات تَوَجُّهُ القلب بهمومِه كلِّها إلى مولاه، فإذا نزل به ضِيقٌ انتظرَ فرجَه منه لا ممَّن سِواه.
إذا ضاقَ أمرٌ فانتظِرْ فرجًا         فأصعبُ الأمرِ أدْناه من الفرجِ

وتكونُ المحنةُ للمؤمنِ سببًا مُقَوِّيًا لذلك ودافعًا إلى شِدَّةِ التعلُّقِ والارتباطِ بالله، ومهما تأخَّرتْ عنه الإجابةُ فإنه لا يَمَلُّ ولا يَيْأَسُ، بل يزدادُ عُبوديَّةً وقُربًا وأملًا ورجاءً، ومن ثم يحقِّقُ أحدَ أهم أسبابِ الإجابةِ وهو الاضطرارُ ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾النمل/62
 وتأمَّلْ قولَ ابنِ عطاء الله :
«لا يكُنْ تَأخُّرُ أَمَد العَطاء مَعَ الإلْحاحِ في الدّعَاءِ مُوجِبًا ليأسِكَ، فهو ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ لكَ، لا فيما تختاره لنَفْسكَ، وفي الوقْتِ الذي يريدُ، لا في الوقْتِ الذي تُريدُ».
فالمؤمنَ الذي يتعرَّضُ لتسلُّطِ المجرمين علَيْه مظلومٌ، وقد وعدَه اللهُ بإجابةِ دعوتِه، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ » أخرجه أحمدُ والترمذي وحسَّنه

كيفَ تكونُ عِبادةُ انتِظارِ الفَرَج ؟؟
رُبَّما يتصوَّرُ العبدُ أنَّ انتظارَ الفرجِ يعني أنْ يقعدَ الإنسانَ منتظِرًا شيئًا يأتِيه منْ وراءِ الغيْبِ دونَ بذْلِ جُهدٍ منه !!
وهذا خطأٌ محْضٌ، فانتظارُ الفرج الذي هو عِبادةٌ ليس قُعودًا ولا استسلامًا للواقعِ والظُّلمِ، وإنما هو عملٌ قلبيٌّ رُوحيٌّ، وعملٌ عقليٌّ فكريٌّ، وعملٌ ماديٌّ حسيٌّ، فهو اكتسابٌ للأسبابِ كلِّها في الحقيقةِ .
إنَّ انتظارَ الفرجِ من الله تعالى يُنْعِشُ العبدَ المؤمنَ، ويدفعُه بقوةٍ إلى اكتسابِ الأسْبابِ المعِينةِ على تجاوُزِ المحنةِ قدْرَ المستطاعِ، ولا تمنعُ الشدائِدُ مهما عظُمَتْ المؤمنين من الاستمرارِ في جهادِهم ومراجعةِ أنفسِهم والاستعانةِ بالله حتى يُنْزِلَ عليهم نصرَه وتوفيقَه :
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ. وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ آل عمران 146-148
الواجب على من أصيب بأمر يضيق به صدره ويزداد به غمّه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل وينتظر الفرج،
فهذه ثلاثة أمور: الصبر، واحتساب الأجر، وانتظار الفرج من الله عز وجل.
وذلك أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة من غم أو غيره فإنه يكفر الله بها عنه سيئاته وخطيئاته،
وما أكثر السيئات والخطيئات من بني آدم (فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).
وإذا صبر واحتسب الأجر من الله أثيب على ذلك أي حصل له أمران : التكفير والثواب، وإذا انتظر الفرج من الله عز وجل أثيب على ذلك مرة ثالثة، لأن انتظار الفرج حسن ظنٍ بالله عز وجل، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى عمل صالح يثاب عليه الإنسان
فانتظار الفرج
انتصار على اليأس .... (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )

و قهر للقنوط ....... ( قال و من يقنط من رحمة ربه إلا الضالون )

و فيه تصديق للخبر ....... ( إن مع العسر يسراً )

و تسليم للوعد ، إن الفرج بعد الكرب.. (سيجعل الله بعد عسر يسراً )

و تطلع إلى لطفه و رحمته ...... ( إن رحمت الله قريب من المحسنين )

و اعتماد على رعايته و ولايته ..... ( الله ولي الذين ءامنوا )

* * *

انتظار الفرج
طلب المدد من الأحد ، والصبر و الجلد حتى يغيث الصمد ...

* * *

اللهم فرّج عنا