إذا تم العقل نقص الكلام


العقل إذا ما اكتمل ، وتَمَّ ، فإن ذلك يعود بالنقص على الكلام
فقد قال سيدنا علي رضي الله عنه :( إذا تم العقل نقص الكلام )
ويقصد بنقص الكلام أن القائل الكيِّسَ العاقل يعرف موطن الكلمة فلا يتكلم قبلها ، ويعرف عدد كلماته فلا يتجاوزه ,
إذ إنّ كل كلمة لم تفد المعنى وضوحاً ، ولم تعطه إجادة كانت زائدة ،
وكل كلمة إذا ما حذفت من الكلام ، وظل الكلام مفهوماً ، والمعنى المراد واضحاً كانت تلك الكلمة زائدة وعبئاً على الجملة والكلام  .
فكثرة الكلام توقع صاحبها بالخطأ..
علاوة على أن الحكيم يزِن كلامَه قبل أن يُخْرجَه ، فهو يحتاج الى مهلة من الوقت، والتمهل عادة يقلل من حجم الكلام ،مقارنة مع الكلام الذي يَخرُجُ ثرثرةً متدفقة بسبب غياب العقل الراجح .

باختصار شديد العرب اُمّة تهوى الكلام، وتموت بالكلام ..

يقول مصطفى صادق الرافعي :
« إذا أنت لم تَزِدْ على الحياة شيئاً فأنت زائد عليها »..

وما أكثر ما نسمع أقوالاً تضم بين ثناياها حِكَمَاً تنبهنا الى الثغرات الكامنة في أعماق النفس البشرية والتي تحتاج بين الحين والآخر إلى رتْق وكيّ وتعديل ليصلح معها العقل والقلب واللسان.. فلعل وعسى يتّعظ البعض !
لا شك أن مهارات التواصل مع الآخرين تعتمد على قواعد متعددة من الحوار الإيجابي المرتكز على الأخذ والعطاء في الكلام مع حُسْن الاستماع للآخر.. كلها عوامل من شأنها أن تخلق محادثة مفيدة..
الا أن البعض يفتقر الى هذه المهارات فترى الجميع يتحدثون معاً في نفْس الوقت ولا من مستمع ! مما يؤدي الى نتائج سلبية من سوء الفهم فيعقّد المشاكل ويؤخّر حلها..وقد يُساء فهم الفئة غير المشاركة في هذا «الصخب اللفظي»..
فهذه الفئة الصامتة تعمل بالمثَل القديم القائل (اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب !) 
منبهين بالوقت نفسه إلى صمْت من نوع آخر ، صمت لا ينمّ عن رجاحة العقل ، تمارسه عادة قلّة قليلة تتباهى بصمتها أثناء استماعها للبعض وهم يمدحون ويثنون على أداء أو إبداع أفراد ممَن يستحقون الثناء.. فتصمت هذه القلّة القليلة وكأنها قد حطّت على رأسها الطير ، مترجمة للآخرين فيما بعد ، أن سبب صمتها وعدم مشاركتها لكونها صادقة، لا تحب النفاق.. فالشخص الممدوح برأيها ، لا يستحق فعلاً كلّ هذا الإطراء.. فالسكوت لن يثير بلبلة الاعتراض .. لأنه أضعف الإيمان !!

يقول الخبراء :اختصاراً لكل المشاكل يُفَضَّلُ عدم الرد على الطرف المشاكس بالمثْل...

إذ يجب علينا «تكبير عقولنا وتكميلها بالمنطق»
ناصحين بتجاهل كافة الأخطاء الصادرة عن الغير من مقصودة وغير مقصودة.. فالحياة اليومية ينتابها الكثير من الازعاجات ،فهل سيقضي الإنسان وقته في اللوم والعتاب والجدال والشجار ؟ أين وقت الفرح والمرح والعمل والإنتاج ؟
أم ان خلْق المشاكل بالنسبة للبعض هو إلإنجاز بعينه ؟
صحيح أن الالتزام بالسكوت ، يشجع المشاكسين على التمادي الى الحد الذي لا ينفع معه السكوت.. متسائلين ما ذنب الملتزِمين ؟
فعلاوة على عدم ردّهم بالمثل فان «إدارة الغضب» تعني تجميد أي فرصة للتفريج عن النفْس! لأن العدوانية هي جزء لا يتجزأ من المشاعر الإنسانية..

فقد قيل :
-         بـالــصــمــت تشفى من داء الغيبة والنميمة وتسبغ بنعمة الصبر والحكمة
-         الكلمات تصبح لكمات إن لم تحسن الاستعمال ....
-         حديث النفس أفضل حالاً من نفس الحديث الذي يتردد على مسامع الناس
-         الإسراف في الصمت أجمل من آفة الثرثرة
-         الحكمة عشرة أجزاء، فتسعة منها في الصمت ، والعاشرة عزلة الناس
-         إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت ويهرب من الناس ، فاقتربوا منه ، فإنه يلقن الحكمة

وإذا أردت السلامة والصيت الحسن فعليك بأربعة أشياء :
1 - إحفظ لسانك
2 - وصن عينك عن تتبع غيرك
3 - وعاشر بما يحمد
4 -  ودافع بالتي أحسن يكن لك الفوز