كيف يكون طفلك مبدعاً موهوباً؟ ولماذا يجب عليه أ ن يتعلم اللغات ؟

يعتبر الإبداع أحد أهم الأهداف التربوية التي نسعى لتحقيقها في الطفل ، وجعل الابداع صفة ذاتية تنبثق من داخل شخصية الطفل , مما يعني أن الابداع يولد مجتمعاً متطوراً راقياً قادراً على حل المشاكل بطريقة عصرية فعالة , الابداع يبني الحضارة ويصنع التقدم , فهو ثروة وطنية يجب البحث عنها والحفاظ عليها .
والسؤال الجوهري : 
كيف أجعل طفلي مبدعاً موهوباً ؟

اعلم أولاً أن الإبداع اسم من أسماء الله تعالى 
فهو اسمه البديع كما قال في كتابه الكريم :
” بديعُ السّمواتِ والأرْضِ “ سورة البقرة/117  
أي أنه أنشأها لا مثيل لها .
فالإبداع يجعل الطفل قادراً على التفكير في البحث عن حلول للمشكلات والثغرات والتوصل إلى نتائج جديدة يعيد صياغة الواقع بطريقة أخرى تتناسب مع تفكيره .
لتحقيق الإبداع عند الطفل يجب:
1-    توفير المعلم المبدع المتميز المدعوم بالأساليب الحديثة لا بالتلقين الذي توارثناه والذي يجعل الطفل سلبياً
2-    توفير الظروف البيئية المحيطة بالطفل والتي تساهم في تنمية الابداع , مثل وجود شخصية مبدعة في العائلة أو محيطه تكون قدوة له , إضافة إلى البيت وطريق المعيشة فيه و …
3-    تنمية الخيال والاكتشاف ووضع افتراضات تنشط الذهن , لا حشو معلومات يتم نسيانها بمجرد الخروج من الامتحان , يعني ذلك : دع طفلك يكتشف الأشياء بنفسه .
4-    لا تجعل المعلومات التي يتلقاها جاهزة أمام طفلك مكدسة بين صفحات الكتب , فيتعود الطفل على الحفظ دون فهم ونقاش إضافة إلى الكسل الذي يصيب الطفل في البحث عن المعلومة , فيتعطل عقله عن التفكير والابداع
5-    وفر لطفلك مكتبة ولو كانت صغيرة بكتب منوعة في مجالات عدة , أو مختبراً ولو صغيراً كأن يحتوي على مجهر أو مكبرة بسيطة أو عدة محاليل يستخدمها للاكتشاف , وهذا ما كنا نحلم به عندما كنا صغاراً , حيث كنت أجمع المال من مصروفي الخاص لأصل إلى ما كنت أحلم به .
6-    يمكنك طرح قضايا واقعية يعيشها الطفل أو يراها في المجتمع مثل : قضية التلوث والحفاظ على البيئة وحل هذه المشكلة العويصة و…..
7-    يمكنك طرح تساؤلات لها عدة احتمالات وهذا ما نسميه العصف الذهني مثل :
ماذا يحدث لو توقفت حركة المواصلات ؟
ماذا يحدث لو حجبت الشمس عن كوكبنا الأرضي ؟
ماذا يحدث لو تحولت الغابات إلى صحراء ؟
ماذا يحدث لو  توقفت الأرض عن الدوران ؟
وغير ذلك من الأسئلة الذهنية المنطقية .
8-    اجعل طفلك يبحث عن بدائل واقتراحات وآراء جديدة عن المشكلات التي يقع فيها
9-    اجعل طفلك يتخيل نفسه شخصاً آخر  , ويرى المشكلة من منظار غيره , فتتزاحم الملاحظات في ذهنه ويتعرف على المشكلة من عدة اتجاهات وتتبلور خصائص المشكلة والأحداث بطريقة أقرب إلى العقل , ويتجاوز بفكره حدود الواقع .
10-استخدم معه دائماً لغة الحوار , مع القيام بعدة رحلات وجولات إلى عدة أماكن مع طرح المعلومات خلال الجولة .
11- استخدم لغة القصص الهادفة التي لها تأثير كبير على تنمية الخيال , ومن خلال القصة يمكن فتح حوار حول أحداثها , وتستغل الفرصة لتلقي الأسئلة التي يمكن أن تتبادر إلى الذهن فتتنشط الذاكرة ويبدأ الابداع .
12- احرص دائماً على إنتاج أفكار جديدة
13- احرص دائماً على بناء الثقة بالنفس
14- علمه احترام آراء الآخرين , والحرية في الكلام
15- ابتكار ألعاب جديدة , وتنمية موهبة اللعب الإبداعي .
16- الاهتمام بالصور , وتوثيق الأشياء والمعلومات بها
17- وجهه إلى الاعتماد على نفسه في حل المسائل والمشكلات ولا يعتمد على الآخرين , إلا قليلاً .
18- تنمية اهتمامه بمعاني الأشياء ومدلولاتها والعلاقة فيما بينها , وماذا يحدث لو لم تكن هناك ثمة علاقة بينها . مثل : لماذا اسم السماء , الأرض , القلم , الكتاب ….
19- ينبغي تدريبه على عدم الخوف من الوقوع في الخطأ , وأن الذي يخطئ مرة يمكن أن يجرب مرة أخرى , لأن الإنسان خطاء , ويمكن أن يتدارك الخطأ في المرة القادمة .
20- الاهتمام الكبير بلغة الطفل والحرص على تعليمه  لغات أخرى , فاللغة هي أساس شخصيته , وإبداعه , و واقعيته , انطلاقاً من قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } سورة الحجرات/13
وقول النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن ثابت :
” يا زيد تعلم لي كتاب يهود فإني والله لا آمنهم على كتابي”
وعن ثابت بن عبيد ، قال زيد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
” أتُحسن السريانية ؟ قلت : لا ، قال : فتعلمها “
وتلبية لدعوة الله عز وجل ” لِتَعَارَفُوا “ تتضح أهمية دراسة وتعلم اللغات من أجل التواصل مع الآخرين والاطِّلاع على ثقافات الغير وقيمهم وتقاليدهم والتعامل مع اللغات الأجنبية ببصيرة وحسن إفادة من غير ذوبان ؛ لأخذ الصالح والمفيد منها وطرح السيئ الذي لا يتماشى مع الثقافة العربية والإسلامية وعدم الانغلاق على الذات مع الحفاظ على اللغة العربية واللسان العربي من أجل تحقيق نمو نفسي متزن وقدرة على التكيف مع المجتمع والاندماج فيه ، وذلك لا يتم إلا بلغة الأم التي هي جزء من الشخصية القومية لأي مجتمع ، وأداة الثقافة ، ومادة التفكير فيه .

ختاماً :
الطفل في تعلم دائم مستمر ، فمنذ أن يفتح عينيه في الصباح وحتى يغمضهما في الليل فإنه يتعلم عن الحياة والناس والعالم .
ونحن معشر الكبار نعيش في عالم من الكلمات والعبارات والحديث والاستماع ، والتي نأخذها على أنها أمر طبيعي في حياتنا اليومية ، والتي قد لا نفكر فيها كثيراً كما أننا نمشي ونتنفس ؛ إلا أن الأمر أعمق من هذا العرض السطحي . فاللغة ليست فقط مجرد وسيلة للتخاطب مع الآخرين ، وإنما هي جزء حيوي وأساسي من الهوية الذاتية لكل واحد منا ، وهي كذلك للقراءة والتعلم ، ولتسجيل أفكارنا ومشاعرنا ، وللتفكير وفهم الحياة والعالم ، ولفهم ذواتنا وأنفسنا ، ونستعملها لفهم وحي كلام الله الخالق .
طفلك أمانة بين يديك سيسألك الله يوم القيامة عن هذه الأمانة , فكن أهلاً لها قبل أن يواريك التراب وتسأل عن هذا .