النقد الصحيح البنـاء يدل على ارتقاء الأفكار

النقد الصحيح البنـاء .. هو تقديم الحلـول ،،

النقد الخاطئ الهادم .. هو التحدث بسخرية ،،

قال صلى الله عليم وسلم : " بشِّـروا ولا تنفِّـروا ،، ويسِّـروا ولا تعسِّـروا "

يعتبر النقد من أفضل الأدوات المعينة على ارتقاء الأفكار والأفراد و المناهج، ومن دونه تفقد الإنسانيّة المعيار الصحيح للتصحيح على المستوى الفردي و الجماعي، وللأسف؛
كثيرٌ ينظر إلى النقد على أنه أداة ازدراء، بينما هو أداة بناء ونماء ..

يقول الدكتور عبد الكريم بكار
"النقد أداة من أعظم الأدوات التي اخترعها البشرية لبلوَرة وعيها, و اكتشاف ذواتها، وأصولها, وأوجه القصور في مشروعيتها، وإنجازاتها, حيث تظل الأفكار غائمة ومعتمة, ما لم تتعرض لِلَوك الألسنة, و أشعة الروز و التقييم"

من خلال النقد نستطيع تمييز الجيد من الزائف

"نحن كبشر نُصيب ونخطئ، والجميع يعترف بذلك، لكن سلوكنا لا يترجم ذلك الاعتراف، فالذين يمارسون النقد يَلقون الكثير من المشكلات، مما دفع جل الناس إلى إيثار الصمت، وتجاوزه بعضهم على تزيين الخطأ وتلميعه، مما جعل المشكلات تتراكم، وتفرخ، وتصبح أشبه بأوبئة مستوطنة.

إن كثيراً من الأخطاء والخطايا التي نقع فيها، ليس مصدرها الجهل والرغبة في تحقيق المصالح الخاصة، مما يعني أن تكرُّرَها هو المتوقّع؛ نظرًا لديمومة أسبابها، والذي يساعد على التخفيف من تكرارها: هو الاستمرار في نقدها بشتى الوسائل، وشتى الطرق؛ فالأخطاء لا تتبدى دائمًا للعيان، ولا تتلبس بلبوس واحد، ممّا يعني ضرورة الاستمرار في كشفها ومواجهتها.

النقد مهم لكشف الأخطاء وسرعة علاجها ومواجهة الانحرافات والأخطاء التي تتسلل إلى حياة الشعوب، والأفراد، والجماعات،
وغياب النقد معناه؛ تراكم الأخطاء وتماديها حتى يستحيل التصحيح بعد ذلك.

إن النقد هو الكشف الطبي المتواصل الذي يكتشف المرض بسرعة، وبالتالي يُعالج قبل أن يستفحل، ويصل إلى مرحلة الخطر، أو فقدان الأمل في العلاج؛ ولذلك لابد من النقد.


النقد مشاركة حقيقية من الجميع في عملية الإصلاح

بحيث يصبح الفرد في المجتمع له دوره ومجاله، ولا يغدو الناس مجرد قطعان تساق، وهي لا تفكّر ولا تعي!.
النقد يجلي للإنسان وللأمة وللجماعة وللدولة صفة نفسها وصوتها فهو مرآة حقيقية، لا زيف فيها ولا تزيد ولا نقصان.
وربما لا يستطيع الكثير من الناس أن يعرفوا عيوب أنفسهم وذلك لأن الإنسان يمارس عيبه أحيانا بشكل طبعي وربما يعتقد أحياناً صوابه ولا يرى أنه خطأ، فكم من إنسان يقع في الخطأ وهو يظن أنه صواب، فيحتاج إلى من يبصره بهذا الخطأ ويقل له: أخطأتَ، والصواب كذا وكذا.


إذا غاب النقد فإن البديل عن النقد الصحيح هو المديح !

وكثيرون يكيلون المديح بلا حساب، وهذا الإطراء يغر الإنسان ويغريه بأن يصر على الخطأ، كما أنه يخدع الأمة ويزوِّر الحقائق.
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في المديح،
ولمّا مدحوه وقالوا: أنتَ سيّدنا، قال صلى الله عليه وسلم: "السيد الله تبارك وتعالى"
قالوا: "وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً" فقال: "قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان"
وفي حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احثوا في وجوه المداحين التراب"
رأى رجلاً يمدح أخاه، فقال صلى الله عليه وسلم: "ويلك قطعت عنق أخيك ".
فنهى عن المبالغة في المديح والإطراء؛ لأن الإطراء لا يزيد الإنسان إلا إصرارًا على ما هو عليه، ولكن يُمدح الإنسانُ بقدر، تشجيعًا له على صواب صدر منه، واعترافًا بفضل له؛ لكن لا ينبغي أن يكون هذا دأبًا وديدنًا، كما هو الواقع اليوم في عالم الإسلام!

من أهم أنواع النقد نقد الذات 
 لأنه يكتشف خطأه بنفسه، ويحاسب نفسه بنفسه؛ بكثرة المراجعة والتحري واكتشاف الخطأ، ومن ثم إشهار الرجوع عن هذا الخطأ والاعتذار عنه، خاصة إذا كان خطأ معلنًا، كفتوى شرعية، أو اجتهاد ، أو منكر معلن وقع فيه هذا الإنسان، سواء وقع في هذا فرد أو جماعة أو دولة، فيكتشفون الخطأ بأنفسهم ويصححونه.

والنقد الذاتي مهم جدًا ؛ لأنه دليل على شجاعة الإنسان، وتحرره من عبوديته لنفسه ، واستعداده للتغيير والإصلاح،
أما النقد من الآخرين فإنك قد تقبله أو لا تقبله، وقد تصر على ما أنت عليه وتقول: هذا أمر هيّن ونحو ذلك، وأما ما كان من نفسك فلديك استعداد أصلي للقبول.


يمكن أن نقول :

إن الأخلاق هي مزاج النقد، فإذا فسدت فسد قوامه.