الحقيقة نسبية .. وليس مطلقة


علمياً لا يوجد شيء اسمه الحقيقة المطلقة ..
الحقيقة نسبية بحسب كيف تراها عيونك  ..
و كيف تعكسها لدماغك .. و كيف يحللها دماغك ..
كمثال بسيط جداً ..عندما تخرج لترى السماء بالليل و ترى النجوم .. أنت فعلياً عم تشوف تاريخ ..!! يعني النجم الذي تراه .. بالوقت الذي تراه .. ليس موجوداً بنفس المكان ..لبين ما يوصل ضوء النجم الى الارض و نشوفو .. بيكون مضى سنين ..و طبعاً نفكر أننا نرى النجم الآن 
لكن علمياً ليست هذه الحقيقة  !!!
يعني نسبياً انت ممكن تكون صح .. و ليس كلياً ..و نسبياً ممكن تكون على غلط .. وليس كلياً ..
مشكلتنا أننا ما تربينا على أساس هذه النظرية التي تقول  :

لا يمكن أن نكون صح مائة بالمائة  ..!!و نفكر أننا دائماً نحن الصح ..لذلك ليس ممكناً أن نتقبل الاخر ..
و لذلك نتخاصم و نصرخ عند أول نقاش مع الرأي الاخر .

يقول أينشتاين :
(ليس هناك بديهيات ثابتة، وإنما هي عادات فكرية)

فلا عجب أن يكون العقل البشري والإنسان عمومًا غير موضوعي وميال إلى عدم الإنصاف، ولكن لا بد له أن يدرك ذلك وأن يتعلم من أخطائه.
هذا العصر الذي دخلناه لم يبق فيه مكان للبديهيات المطلقة أو المقاييس العامة، وليس من الممكن أن نقول عن شيء أنه غير معقول لمجرد أننا نراه مختلفًا عن المألوف ومفارقًا للمعروف،
فالتجارب علمتنا أن كل شيء مهما بدا في نظرنا سخيفًا فإنه قد يكون صحيحًا في يوم من الأيام عندما تتبدل المقاييس الفكرية التي اعتاد عليها الناس في تفكيرهم،
فالإنسان البسيط الذي فتح عينيه على الدنيا وهي منبسطة مستوية تطلع شمسها من المشرق وتغيب في المغرب، لن يكون من السهل عليه أن يقتنع بكلام عالم عن كروية الأرض وسيعنفه ويسفه رأيه بالطبع!
يقول وليم جيمس :
(إن الحقيقة ليست إلا فرضية يفترضها الإنسان كي يستعين بها في حل مشكلات الحياة، فالحقيقة المطلقة غير موجودة، وإن هي وجدت فالعقل لا يفهمها أو لعله لا يريد أن يفهمها لأنها لا تنفعه في الحياة، إن الإنسان بحاجة إلى الحقيقة النسبية التي تساعده في حل مشكلاته الراهنة، وكثيرًا ما يكون الوهم أنفع له من الحقيقة المطلقة المعلقة في الفراغ).
سعى كثير من البشر ومنهم الفلاسفة والمفكرون والعلماء عبر التاريخ وما زالوا يفعلون، للوصول إلى الحقيقة المطلقة:
هناك من بدأ مشوار البحث عنها وادّعى وهو في منتصف الطريق أنه وجدها وأخذ يدعو الناس إليها،
وهناك من ادعى أنه وجدها (أحيانًا دون أن يقرأ حرفًا واحدًا) ثم راح يجز الرؤوس ويقطع الرقاب مدعيًا أن الله معه وفي عمامته.وفي حين ترى كاتبًا أو فيلسوفًا أو عالمًا ما يدلي «بالبراهين القاطعة» لتأييد رأيه بموضوع معين، تجد نقيضه من نوع آخر يدلي «بالبراهين القاطعة» أيضًا لتأييد رأي معاكس،
وكل يعتقد جازمًا بأن الحقيقة المطلقة معه، والمفارقة أنهم أحيانًا يكون بينهما ارتباط كعلاقة الأصل بالنيغاتيف ، كل شيء مثل الآخر ولكنه فقط باللون المعاكس

وكلٌّ يدعي وصلًا بـ ليلى … وليلى لا تقر لهم بذاكا

ومصيبة هذا الادعاء أن ضرره ليس محصورًا بمن يدعيه، وإنما يعدو ليجر الكراهية للآخر المختلف، ومن ثم استعداءه والعدوان عليه، وخطره ليس متوقفًا على أنه غير ذي نفع فحسب وإنما هو مصدر للعنف

المنطق الحديث أنكر وجود الحقيقة المطلقة علميًا ونظريًا وقد بدأت هذه الفكرة تفقد قيمتها تدريجيًا ليحل محلها سلطان النسبية،
فما هو حق في نظرك قد يكون صوابًا في نظر الآخرين
وما تراه جميلًا اليوم قد تستقبحه غدًا

عندما ينعدم الشعور بامتلاك الحقيقة تنعدم الحروب المدافعة عنها

بالنهاية ..
كلنا غلط نسبياً .. و كلنا صح نسبياً .