كفانا تفرقة وانقسام ودمار .. يا أصحاب العقول


مجموعة أيدي يعني مجموعة أفكار
فكيف إذا تشابكت الأيدي - يعني الأفكار - لتشكل فكرة واحدة قوية يقتنع بها مجتمع كامل
أليس من العقلانية أن نتفق و نشبك أفكارنا مع بعضنا لنواجه أعداء أمتنا
كفانا تفرقة وانقسام ودمار ..... يا ؟؟؟ أصحاب العقول .
عندما تتشابك الايدي تُصنع العقول !!

وحدة الأمة يعني قوة لا مثيل لها ..
ولكن نقصد بوحدتها الوحدة النوعية وليس الوحدة الكمية !! أي :
 عندما يتحدث الإسلام عن وحدة الأمة الإسلامية ويحث عليها ويدفع المؤمنين دفعًا إليها فإنه لا يركز بأية حال من الأحوال على مجرد الكثرة العددية. فالوحدة الكمية لا يمكن أن تكون هي الأساس المتين لبناء الأمة وقوتها.
فإذا أنبتت مثل هذه الوحدة على أساس من الكثرة العددية فقط فسيكون البناء بناء هشًا لا قيمة له ولا قوام، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه – بمصطلحات العصر – انه وحدة شعارات خالية من المضمون.
مثال ذلك :
عندما نظر المسلمون في غزوة حنين إلى كثرة عددهم وأصابهم شيء من الغرور وقالوا: لن نغلب اليوم عن قله، دارت عليهم الدائرة ، وفي ذلك يقول القرآن الكريم:
}وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ {.
ومن أجل ذلك يركز الإسلام على الوحدة النوعية، فالنوعية المؤمنة القليلة العدد تستطيع – بوحدتها وتماسكها وقوة إيمانها وثقتها بنصر الله – أن تغلب على الكثرة الكاثرة الخاوية من الإيمان.
وفي ذلك يقول القرآن الكريم:
} كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ {.
فبناء وحدة الأمة لا بد أن يقوم على أسس راسخة حتى يكون بناء متيناً شامخًا ولا بد أن تكون عناصر هذا البناء قوية متينة.
ومن هنا نجد النبي صلي الله عليه وسلم يؤكد على أن :
"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"
وأن : "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا".

قال الله تعالى : }وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً{ 
اعتصام بحبل الله ليس مجرد شعار يرفعه المسلمون وإنما له مقتضيات لا يتحقق بدونها ولا يقع عند الله موقع القبول إلا إذا تحققت وقام المعتصمون بتبعاتها على الوجه الذي رسمه الله في كتابه طريقًا لكمال الإنسانية ورقيها، فهو يقضي بتنحية الشهوات والأهواء التي تثيرها العصبيات القبلية والجنسية والمذهبية،

يرى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه شيخًا يهوديًا يتكفف الناس في شوارع المدينة فيفرض له من بيت مال المسلمين ما يكفيه ذل السؤال...
بهذا التصرف تقوى الأمة ويرضخ لها القاصي والداني .

وعندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤسس قواعد المجتمع الإسلامي في المدينة بعد الهجرة آخى بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فتآلفت قلوبهم بفضل الله. وقد امتن الله على المؤمنين بهذا التآلف فقال:
}فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً{
ومن هنا كان قول النبي صلى الله عليه وسلم :
"
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد والواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى"

فالزكاة ليست مجرد تبرع يجود به المسلم أو لا يجود وإنما هي حق المال، وهو حق إلزامي واجب الأداء من طيبات ما كسبنا، وهو حق لا يجوز التهاون فيه بأي حال من الأحوال، لأنها نوع من أنواع التكافل التي تشعر المسلمين بقوتهم وتعاضدهم  , وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
  "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم"

هموم هذه الأمة ينبغي أن تشغل بال كل مسلم وكل حاكم في العالم الإسلامي.
وقد آن الأوان للأمم الإسلامية أن تنصهر في بوتقة الوحدة الحقيقية للأمة الإسلامية والخروج من سجن الفرديات المنعزلة والقوميات المنفصلة إلى محيط الجماعة الكبرى التي أرادها الله أن تكون خير امة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتؤمن بالله وتقيم التعاون فيما بينها علي البر والتقوي لا على الإثم والعدوان.

آن الأوان للأمة الإسلامية أن تتوحد جهودها في سبيل النهوض بالأمة والارتقاء بها حضاريًا بما يؤكد شخصيتها المتميزة ويحافظ علي ذاتيتها
فلا يليق بالأمة الإسلامية أن تظل في عالمنا المعاصر قابعة في مقاعد المتفرجين الذين لا يشاركون في صنع الحضارة، ويكتفون بدور المستهلك لما تنتجه الحضارة التي يصنعها غيرنا ..
اعداد أمة قوية يكون بالأخذ بأسباب قوتها بأمر من الله تعالى :
}وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ {
هذا الاستعداد الحربي بكل ما أوتينا من قوة لا يرمي إلى التخريب والتدمير أو الاستبعاد والاستعمار أو سلب الآخرين أموالهم وأوطانهم وأمنهم، وإنما يرمي إلى دفع شر الأعداء وتخليص المستضعفين من أيدي الظالمين المعتدين وإفساح الطريق أمام دعوة الخير الذي يريده الله لعباده.
ومن هنا كان التأكيد في الآية على قوله تعالى : }تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ{ فهي قوة تحمي السلم والأمان والاستقرار.
ومثل هذه القوة لا تتأتى إلا بوحدة الأمة الإسلامية. فهذه الوحدة هي السد المنيع والحصن الحصين في وجه كل الأطماع التي تستهدف إضعاف الأمة الإسلامية وإثارة الفتن والخصومات بين أبنائها.

المخاطر التي تهدد وحدة الأمة الإسلامية :
- الفرقة والتنازع والتناحر ، وبذلك يكونون لقمة سائغة في يد أعدائهم تداعى عليهم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.

- موالاة الأعداء . وفي ذلك يقول القرآن الكريم:
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ {
وفي آية أخرى يقول القرآن الكريم :
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ {
موالاة الأعداء : أي الركون إليهم والوثوق بهم والاستعانة بهم على حرب المسلمين بعضهم بعضًا...

إن الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم يعد واقعًا مؤلمًا
فالنزاعات القائمة اليوم بين أبناء الأمة الإسلامية أكثر منها في أي مكان آخر في العالم .
ومؤسسات العمل المشترك في العالم الإسلامي ليست أكثر من واجهة تحمل شعارات طنانة لا تعني شيئًا .
وأمور المسلمين المصيرية يقررها غيرهم.
لماذا نرى الأمة الإسلامية قد تفرقت السبل بأبنائها؟
أين الخلل؟
هل هو الواقع المحير والشحون بالتناقضات الحادة والذي يعيشه أبناء الأمة الإسلامية ؟
أم أن الخلل في الفهم السقيم والمعوج لقيم وتعاليم الإسلام؟
ما سبب هذا التبلد الذي أصاب الأمة الإسلامية في عالمنا المعاصر؟

قال الراحل مالك بن نبي :
"إن التخلف الذي تعاني منه الأمة الإسلامية اليوم يعد عقوبة مستحقة من الإسلام على المسلمين لتخليهم عنه لا لتمسكهم به كما يظن بعض الجاهلين"


ومن ناحية أخرى فإن صلاح حال الأمة الإسلامية لن يتم إلا بإرادة أبنائها ولن ينزل علينا من السماء.
فإذا صحت إرادة الأمة وصدقت العزائم وخلصت النيات فلا شك أن الله سبحانه وتعالى سيكون من هذه الأمة بالتأييد والنصر.
وهذا قانون قرآني ثابت تعبر عنه الآية الكريمة:
} إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ {

لا يليق بكرامة هذه الأمة أن تعتمد في غذائها بنسبة سبعين في المائة علي غيرها من دول العالم، ومن المعلوم أن من لا يملك غذاءه لا يملك قراره،

لا زلنا نأمل أن تعود هذه الأمة صاحبة قرارها ومقررة مصيرها، وأن تسهم إسهامًا حقيقيًا في تقرير مصير هذا العالم

لا زلنا نأمل في غد مشرق للأمة الإسلامية، تتوحد فيه جهودها وتتفق – علي الأقل – على قضاياها المصيرية .